Abu Ali

mardi 23 avril 2019

سياسة الخصوصية - Privacy Policy

سياسة الخصوصيه لمدونة قصص عبد الصادق بن عيسى

إذا كنت بحاجة إلى أي مزيد من المعلومات أو لديك أية أسئلة عن سياسة الخصوصية ، لا تتردد في الاتصال بنا عن طريق البريد الالكتروني التالي simo.fsac@gmail.com
في مدونة قصص عبد الصادق بن عيسى ، خصوصية زوارنا لها أهمية بالغة بالنسبة لنا. وثيقة سياسة الخصوصية هذه تحدد الخطوط العريضة لأنواع المعلومات الشخصية التي يتلقاها و يجمعها مدونة قصص عبد الصادق بن عيسى وكيفية استخدامها.

ملفات الدخول
مثل الكثير من المواقع على شبكة الانترنت، يستخدم مدونة قصص عبد الصادق بن عيسى ملفات الدخول. المعلومات داخل ملفات الدخول تشمل: بروتوكول الإنترنت، وعناوين(IP)، نوع المتصفح ، مزود خدمة الانترنت (مقدمي خدمات الانترنت) ، والتاريخ / خواتم الوقت ، مصادر الزيارات / الخروج الصفحات ، وعدد النقرات لتحليل الاتجاهات وإدارة الموقع و مراقبة المستخدم أثناء التنقل في أرجاء الموقع ، وجمع المعلومات الديموغرافية.
عناوين بروتوكول الإنترنت ، وغيرها من مثل هذه المعلومات ليست مرتبطة بأية معلومات لتحديد هويتك.

مربع بحث جوجل :

تم تزويد مربع البحث الموجود على موقع الويب هذا ("مربع البحث") بواسطة Google Inc ("Google").
أنت تقر وتوافق على تطبيق سياسة خصوصية Google (الموجودة على http://www.google.ae/privacy.html) على استخدامك "لمربع البحث" وباستخدامك "لمربع البحث" تمنح Google الموافقة على استخدام بياناتك الشخصية وفقًا لسياسة الخصوصية .

القائمة البريدية :
بتسجيلك في القائمة البريدية ل قصص عبد الصادق بن عيسى فان خصوصية عنوان بريدك ستبقى محترمة و لن يتم نشره.

الكوكيز وعدادات الشبكة :
مدونة متخصيصي الحماية يستخدم الكوكيز لتخزين المعلومات عن إعدادات الزوار ، و يتم تسجيل معلومات محددة عن المستخدم عند دخول أو زيارة إحدى الصفحات ، و يتم تخصيص محتوى صفحة ويب استنادا إلى نوع المتصفح الزوار أو معلومات أخرى عندما يرسل الزائر معلومات عبر المتصفح.

كوكيز دبل كليك DoubleClick DART

- جوجل كطرف ثالث البائعين ، يستعمل الكوكيز لخدمة الإعلانات على موقعك.
- استخدام جوجل الكوكي DART يمهد لخدمة الإعلانات للمستخدمين بناء على زيارة المواقع وغيرها من المواقع على شبكة الإنترنت.
- يجوز للمستخدمين اختيار عدم استخدام الكوكيز DART عن طريق زيارة شبكة جوجل الإعلانية للمحتوى والخصوصية في العنوان التالي -- http://www.google.com/privacy_ads.html

بعض من الشركاء الإعلانيين قد يستعملون الكوكيز ، والملفات على موقعنا، ويتضمن شركائنا الإعلانيين جوجل أدسنس. هذه الأطراف الثالث الإعلانية أو خوادم الشبكات الإعلانية تستخدم تكنولوجيا لعرض الإعلانات و الروابط التي تظهر في مدونة متخصيصي الحماية و هي ترسل مباشرة إلى المتصفحات. أنها تحصل تلقائيا على عنوان بروتوكول الإنترنت وعندما يحدث هذا. تكنولوجيات أخرى (مثل الكعكات ، وجافا سكريبت ، أو عدادات الشبكة) يمكن أن تستخدم أيضا من قبل طرف ثالث كالشبكات الإعلانية لقياس فعالية إعلاناتها و / أو لإضفاء الصفة الشخصية على محتوى الإعلان الذي تراه.

مدونة قصص عبد الصادق بن عيسى لا تستطيع الوصول إلى/ أو السيطرة على هذه الكعكات التي يستخدمها طرف ثالث من المعلنين.

عليك استشارة كل سياسة الخصوصية الخاصة بهذه طرف ثالث الخدمة الإعلانية لمزيد من المعلومات التفصيلية عن ممارساتها وكذلك للحصول على تعليمات حول كيفية الخروج من بعض الممارسات.سياسة خصوصية مدونة قصص عبد الصادق بن عيسى لا تنطبق عليها ، و نحن لا نستطيع
مراقبة أنشطتها ، وغير ذلك من المعلنين أو مواقع الانترنت.

إذا كنت ترغب في تعطيل الكوكيز ، يمكنك فعل ذلك من خلال خيارات المتصفح الخاص بك . لمعلومات أكثر تفصيلا حول إدارة الكعكة مع متصفحات ويب محددة يمكن الاطلاع على المواقع الالكترونية لبرامج التصفح .

dimanche 14 avril 2019

وهو في الستين ، أغرم بها ، هي التي كانت في الخامسة والعشرين .. ذهبت بعقله .. ثم جعلته يهبها كل وقته .. بالنسبة إليها لم يكن فارس الأحلام ، كان ما يهمها أن تظفر منه بشيء تؤمن به مستقبلها بعد أن ينقضي الجمال ويتقدم بها العمر .. هي تعلم أن طريق الدعارة لا يفضي إلا إلى الضياع .. سعت إلى تحقيق ما تصورتها ضربة العمر ..


مباشرة وراء الحدود ،ضريح ( سيدي يوسف ) .. إلتقطت له ( ميريام ) صورة وكأنها توثق لمكان يظن الناس هناك أنه لم يعد يحتاج إلى توثيق منذ حوادث العام ثمانية وخمسين تسعمائة وألف . في الحقيقة قلّما يأت ذكر ل( ساقية سيدي يوسف ) بمعزل عن الغارات الجوية الفرنسية التي استهدفته في ذلك العام والتي خلفت قتلى ومصابين كثرا.
لم تكن (الفرانساوية) قد عبرت من قبل من المركز الحدودي لساقية ( سيدي يوسف) وقد استوقفها وجود الضريح بمعزل عن أي بناء آخر.. لم تسأل (زوجها ) ، لم ترد أن تحرجه ، فقد لا يعرف لذلك جوابا ..

لما قطع عنه والده ما كان يحصل عليه من مال ، تفرق من حوله الصحاب .. ولكن رضوان ، مع ذلك ، لم يستوعب الدرس .. ظل يخطط للحصول على المال .. وكان المسؤول عن حسابات لشركة أبا لفتاة في العشرين .. رأى ( رضوان ) أن يتخذها مطية لبلوغ مراميه .
في أواخر أبريل من العام اثنين وأربعين ، إنعقد مؤتمر في وكر الذئب ، مقر قيادة النازية أدولف هتلر .. وقد حضر المؤتمر زعيم إيطاليا الفاشية وقادة عسكريون كبار من الألمان والإيطاليين .. في ذلك المؤتمر أعلن هتلر أن قائد قوات المحور في شمال إفريقيا ، رومل ، سيهاجم برقة ..

dimanche 2 décembre 2018



في هوامش المجتمعات حياة تدب ، مهمشون كان الهامش اختياراً لهم واخرون ما كان لديهم من بديل ،عيونٌ حزينةٌ حيناً حنقةٌ أحياناً ، وجوهٌ شاحبةٌ تلازم مناطق الظل ، وأجساد حين تتعب تستلقي على الرصيف ...وفِي صمت هذا العالم الذي يحاكي صمت القبور تحدث صرخاتٌ ناقمةٌ غاضبةٌ قد لا تسمع الى حين يأتي الهامش يخترق المجتمع ، يمنحه ولو للحظة إيقاعه وألوانه ....
مهمّشون ، قِصص يكتبها ويقدمها " عبد الصادق بن عيسى 


* بائــــع جَبـــــانْ *
اعتاد عبد الرحمن المرسى على القدوم الى مدينته أصيلة كل صيف لقضاء العطلة ، لا ينفك الرجل الذي يبلغ الان من العمر اثنين وستين عاماً يردد ان العطلة تكون في نظره منقوصةً إن لم يقضيها في أصيلة ...ربما بالغ في حديثه ، ولكن حبه الشديد لمدينته تلك يدفعه الى ان يقول ما يقوله ،مثل عبد الرحمن يوجدون في كل أنحاء البلاد وفِي كل البلدان.
في العام ١٩٩٤ كان عبد الرحمن المرسى قد أتم عامه الأربعين في مهجره ببلجيكا ،كل أولاده الثمانية ولدوا هناك وكلهم يعرفون أصيلة إذ كان يصحبهم معه لما كانوا صغارا ، كان واحداً من المهاجرين الذين يُضطَرهم العدد الكبير لأفراد أسرهم الى شراء سيارات كبيرة ،الآن صار كل واحد من أبنائه مستقلاً بذاته ومنهم من تزوجوا وأنجبوا له أحفاداً ، صار منذ عدة أعوام الان يسافر وحيداً او برفقة زوجته رحيمو بنت جيرانهم في أصيلة التي شغف بها ....
حين لا ترافقه في رحلاته الى أصيلة التي يرفض التنازل عنها بل انه يرفض ان يساومه أي كان في شأنها يكون لديه من الوقت ما يكفي للقاء بأصدقاء الطفولة التي ولت منذ عقود ، وبحضورهم تحضر تلك الذكريات الغابرة ،تلك التي يعدها هو وأصدقائه من لازال منهم على قيد الحياة زمنهم الجميل الذي يشدهم الحنين اليه بقوة لا يستطيعون مقاومتها ....
يُمضي أولئك الأصدقاء القدامى كل يوم ساعاتٍ من المساء ويمتد بهم السمر حتى يقترب الفجر ، في اغلب الأيام يبدأ السمر بوجبة عشاءٍ أساسها طجين سمك... كان البشير الذي يلقبونه الروبيو المتقاعد من المكتب الوطني للسكك الحديدية هو من يتولى امر إعداد " التاگرا " كذلك يسمونها ،يحملها قبيل المغرب الى فرن شعبي قريب ...
كان الفرّان " الحسن " من أمهر الفرّانين يعلمون جميعهم ان طجين السمك حين ينتهي الى يده لا يُخشى عليه احتراقاً ولا إفسادا لمذاقه . تكاد تتشابه ليالي السمر التي يُمضيها عبد الرحمن مع أصحابه من أبناء المدينة القديمة ، وجوه كثيرة غابت عن أصيلة ،منها من غيّبها الموت وظلت ذكراها حاضرةً كلمات ومواقف ،ومنها من انتقلت للعيش في مدن أخرى او في بلدان أخرى وانقطعوا عن المدينة ولَم يعد يذكرهم الا من كانوا له أصدقاء في زمن ولّى ...
ذات صباح من غشت من العام ١٩٩٤ وقد قُدِم عبد الرحمن بمفرده الى أصيلة لقضاء العطلة قرر الذهاب الى الشاطئ ، في حسابه ان يستمتع بالبحر قبل ان يكتظ بالمصطافين، وهو يغادر منزل عائلته يحمل قفة بها ماء ومشروب غازي وبعض الأكل التقى العسري جاره القديم وكان هو الاخر يهم بالذهاب الى الشاطئ ، وكذلك اتفقا على الذهاب سوياً ،وبينما كانا في الطريق الى موقف السيارات حيث يركن عبد الرحمن سيارته ذات الألواح المعدنية المكتوبة بالأحمر بدا لهما ان يمضيا في يومهما ذاك الى شاطئ اقواس بريْشْ ، شاطئ يتيح امتداده مكانا لكل من أراد الاستمتاع بحرارة شمس غشت التي يقال إن أشعتها تشفي أسقاماً كثيرة منها الروماتيزم كما هو مشخّص في عرف العامة .
تحمّل الرجلان صعوبة المشي على الرمال الناعمة يريدان الابتعاد عن مجموعة من المصطافين ثم بدا لهما مكان مناسب لما يريدانه ، أخرج عبد الرحمن العصا المعدني لمظلته وطعن به الرمل الذهبي ،ثم نصب المظلة ... قال له صاحبه إنهما محظوظان إذ لم تكن الرياح تهب بقوة في ذلك اليوم ، أرسل على الرمل فوطة بها رسوم متداخلة وفعل صاحبه مثله ثم من محفظة كتلك التي تسخر لجمع أدوات الاستحمام اخرج قنينة بلاستيكية بها مادة تقي من أشعة الشمس ، كان العسري يتابع ببعض الاهتمام ما يقوم به صديقه القادم من بلجيكا وقد يكون الفضول يدفع به الى متابعة حركات الستيني أو إنه كان يتوقع ان يُخرج من تلك المحفظة ذات اللون الأزرق كلون البحر منتوجاً لا يصادفه في أسواق أصيلة ، طلب منه ان يمسح له ظهره بذلك المنتوج ، كانت رائحته مقبولة ، حين فرغ من ذلك وحتى يكافئه طلب منه ان يتمدد على بطنه فقام بنشر تلك المادة على أعلى ظهره وذراعيه وساقيه، تمدد الاثنان وقد وضع كل منهما قبعةً على رأسه ، ظل عبد الرحمن كما كان يفعل صغيراً ينظر الى الأفق البعيد الذي لا تدركه عيناه ...هو السراب يتراقص ، لا احد يمضي على الرمل في تلك الجهة التي ينظر اليها ، في الجهة الأخرى مجموعة المصطافين تبدوا بعيدة بما يكفي ، عدا ذلك لا شيئ ...حتى النوارس راحت تأخذ قسطاً من الراحة او هي مضت بعيداً تحلق فوق الموج الذي يتردد على الشاطئ المديد... أغفى عبدا الرحمن وقد ظن ان رفيقه أغفى قبله إذ لم يعد يسمع منه حديثاً ، ولما فتح عينيه ولَم يكن يدري كم مضى من الوقت رأى ان المشهد الذي أغمض عليه عينيه لم يتغير ، في الأفق البعيد يواصل السراب رقصاته التي قد تغوي الظمئان ، نظر الى الجهات الأخرى ولم يرى شيئا ثم وهو يهم بإغماض عينيه من مكان قريب سمع صوتاً يعرض " كاوْ كاوْ " الفول السوداني، نهض من مكانه واستوى قاعداً ، بسمل وقرأ المعوذتين وهو يتسائل من أين أتى هذا الذي يعرض "الكاوْكاوْ" ....
رأى أمامه رجلاً تنزع قامته الى القِصر ، سرواله الذي طوي الى ما فوق الكعبين يقوّي الانطباع بان الذي أمامه قصير القامة ، يحمل الرجل في يده قفة نسجت من نبتة الدّوم وقد ملئت عن اخرها بالفول السوداني الذي يعد من المنتوجات التي تشتهر بها أصيلة ، على رأسه قبعة من ورق تنتهي حادّة فوق أم راْسه . وقف الرجل على بعد خطوات ، وضع قفته على الرمل وصار ينظر اليه وهو يبتسم ، ولما راه فزعاً أعاد عدى مسمعه تلك اللازمة " كاوْكاوْ " اندفع العسري جالساً هو الاخر ، لعل بائع الفول السوداني ايقضه من نوم لن يجد احلى منه في مكان اخر ، لما عاد الى نفسه سأل عبد الرحمن بائع " الكاوكاو " عما اذا كان وصل أدى جوارهما محلقاً .
ابتسم الرجل ابتسامة من استعد لتحمل كل ما قد يصدر عن من يعرض عليهم بضاعته ، ثم قال : جئت مشياً من هناك ، وأشار الى جهة النهر ، وحتى يلطّف الجو تدخل العسري وطلب منه ان يعد لكل منهما درهمين من الكاو كاوْ ، ثم ما لبث الرجل ان انصرف آخذا وجهة تلك المجموعة من المصطافين ، انهمك عبد الرحمن وصديقه في أكل الكاوكاو وتأمل البحر ، الموج يأتي لينهي رحلته ملقيا بنفسه على شاطئ بلون الذهب ... وفجأة من خلفهما وكأنه انبعث من الرمل جاء صوت يعرض " جبانْ كُولْ اوبانْ " تلك الحلوى المغربية التي يقوم باعتها بإلصاقها على عصا غليظة من قصب البامبو ، يغلب على تلك الحلوى اللون الأبيض ، ولكن هناك من يجتهد في زخرفتها بخطوط من الحلوى المصبوغة بالأحمر ، وقف امامهما رجل نحيف مديد القامة، بسحنته سمرة ، ألقى بالسلام ... ابتسم فظهرت كاملة اسنانه ناصعةُ البياض وبيده سكين لم يعد منه الا المقبض وجزء غير طويل من شفرته ، وهو السكين الذي يستعمله اغلب من يبيعون " جبان كولْ او بان " .
كان العسري هو من اخذ المبادرة مرة اخرى، طلب درهماً لكلٍ منهما من تلك الحلوى التي تثير لعاب الصغار والكبار على حد سواء ، ولكن عبد الرحمن وهو ينظر الى الرجل ظن ان ذاك الوجه ليس غريباً عنه ، لا يدري كيف حضره اسمه باتلك السرعة .
وقف وهو ينظر اليه ثم بلا تقديم ولا تمهيد سأله : ألستَ عبد القادر ؟
عبد القادر من يا سيدي ؟؟
عبد القادر ... ألم تسكن في وقتٍ ما في باب الحُومر ؟؟ ... بدا الرجل وقد فاجئه ان يكون هذا الواقف أمامه يعرف شيئاً عنه...لم يكن لديه مجال كبير للتهرب ... نعم لقد سكنت عائلتي في باب الحومر في ما مضى .
أو ألم تعرفني ؟
لا يا سيدي ...
ألست ابن يامنة ؟؟
فاليرحمها الله .....
أنا اخوك عبد الرحمن ... لقد أرضعتني أمك وكنت اعتبرها اماً لي .
عانقه وضرب له موعداً في المساء في مقهى يعرفها ، يومها اكتشف عبدالرحمن ان عبد القادر بائع " جبانْ" إنما غاب عن أصيلة لانه كان معتقلاً ...حكى له كيف اتهم بقتل رجل في المدينة القديمة اذ ضبط وهو يحاول مساعدته .
قال له انه كان يعاني من جرح غائر على مستوى الرقبة ،وان أناس اكتشفوه وهو يحاول إنهاضهه فشهدوا زوراً بانه من طعنه وبأنه من كان يحاول سرقة ما كان معه من مال ، كان العسري يتابع الحديث باهتمام . ولما أنهى بائع جبان حديثه قال العسري ان الذي قتل ذلك الرجل مات قبل بضعة أشهر في حادثة سير.
نظر اليه عبد القادر بعينين مفتوحتين الى حدودهما القصوى ولم يعقب ....


في اواخر الستينيات تقدم العمر ب" بَّا المحضي"...و لم يستطع المضي الى حيث  كان يمضي ..كان حين يكون الجو مشمسا يخرج و يجلس متوكئا على جدار ذاك المنزل... كان المحسنون من الجوار و منهم مسعود الحلاق يعتنون به... كان مسعود مرة كل شهر يحمل أدواته و يحلق راسه و يشذب لحيته و كان أحدهم يتولى دفع أجرة الحمام فيقتاد اليه ... و منهم من كان يأتيه بملابس و كذلك نشأت بينه و أولئك المحسنين علاقة كانت متعذرة على مدى كل السنين التي فاتت...
مهمشون...في هوامش المجتمعات حياة تدب مهمشون كان الهامش اختيارا لهم و اخرون ما
كان لديهم من بديل عيون حزينة حينا حانقة احيانا وجوه شاحبة تلازم مناطق الظل و
اجساد حين تتعب تستلقي على الرصيف و في صمت هذا العالم الذي يحاكي صمت القبور
تحدث صرخات ناقمة غاضبة قد لا تسمع الى حين يأتي الهامش يخترق المجتمع يمنحه و لو
للحظة اقاعه و الوانه
مهمشون يكتبها و يقدمها عبد الصادق بن عيسى .
بَّا المحضي...



كل الاطفال الذين كبروا الان و صاروا كهولا يذكرون ذلك المنزل الخرب الذي يحتل الزاوية في أحد الدروب المتفرعة عن الشارع المعروف الان بشارع أنفا ... لم يكن أحد منهم يجرأ على الاقتراب من الباب... نحن في خمسينيات و مطلع ستينيات القرن الماضي في حي السواني في طنجة... اغلب البيوت اكواخ من خشب و قصدير ... في الجوار مساحات لم تكن بنيت من بعد يزرع أغلبها قمحا...تلك ذكريات بعيدة الان و لكن أحمد البقال لا يفتأ يستحضرها و يحكي منها لأبنائه ...كان يسكن ذاك المنزل الخرب رجل يسكن وحيدا ينادونه " بَّا المحضي" حين كان يسال عن أصل هذا الاسم ...الذي يثير استغراب الصغار لم يكن يجد جوابا الا ان يقول ان ذاك الرجل كانوا يعدونه السكان من اولئك المجاذيب الذين يزعمون ان لهم كرامات او انهم يقذرون على القيام بما قد يعد من الخوارق ...يكف الصغار عن سؤال ابيهم ... لعلهم لم يقتنعوا...و لعلهم امسكوا عن اسئلة اخرى مستعجلين بقية الحكاية ...قال احمد البقال انه اضطر مرة الاختباء تحت رداء امه المعروف بالحايك حينما كان في طريقهما لزيارة اقارب و مروا بالقرب من ذلك البيت الخرب الذي لم تكن لبيته مصاريع و لا لبابه دفة ... يومها راه للمرة الاولى فيما يذكره ...كن ذا شعر شعث كثيف و لحية رمادية تدلت في غير تناسق لم تشذب منذ زمن بعيد ...يذكر و قد مرت سنوات بعد ذلك ان " بَّا المحضي" كان لا ينفصل عن جلباب يذكر الناظر اليه انه كان ابيض ذات يوم ...و كما خافه احمد البقال  كان يهابه الطفال الذين يسكنون في الجوار ... يشبه الغموض الذي يلف حياة " بَّا المحضي"الذي قدر بعضهم انه كان زمنئذ في الخمسين او الستين ذاك الغموض الذي بقي يحيط قصة المنزل الخرب ... كان البيت الوحيد المشيد من حجر...هناك من قال ان احد المعمرين الاسبان بناه ليتخذه سكنا ثانويا ...المسنون من السكان قالوا مرة ان ذلك الاسباني الذي كان يأتي الى المنزل رفقة زوجته اختفى فجأة هو و زوجته في مستهل ستينيات القرن الماضي ... و ان المنزل ضل مقفلا سنسن عديدة قبل ان يدب اليه الاهمال ... ثم ظهر الذي سيصير ينادى ب" بَّا المحضي"... تقول تلك الحكايات القديمة انه" بَّا المحضي"يسكن ذلك المنزل الخرب رفقة جنية تزوجته ... و احيانا يقولون سكنته و كانت مبالغات البعض تضيف الى عجيب ما يروى عن ذلك المنزل حديثا عن اصوات غريبة تسمع مرات في بطن الليل ... النساء و الاطفال كانوا الاكثر تصديقا لما كان يقال ... وكانوا الشد خوفا من منزل " بَّا المحضي"  ... لا تعرف للرجل عائلة... و قيل انه جاء من القصر الكبير... وقيل ايضا انه جاء من مراكش سيرا على الاقدام ...قيل الكثير ... يغادر با المحضي البيت ضحى ... في اغلب الايام يحترم ذلك الموعد و يعود بعيد الزوال ثم يغادر عصرا  و يأتي بعد العشاء كان يعلم حضوره من ضوء الشمع الذي يوقده لينير مثواه ...كان من المجاورين له من يعطيه الطعام يأخذه و لا يقول شيئا ... لم يكن ذلك يزعجهم لم يكن يؤذي احدا الا ما كان من مظهره الذي يخيف الصغار و النساء ...كانوا يتحاشونه ان ظهر صدفة في طريقهم و كان هو يتفادى الشبان ...حين يصادفهم ينظر اليهم نظرة خائف ...لا يتوقف... و يدخل المنزل الخرب ... كان من بين اولئك الشبان عبد القادر العماشي المعروف ب التريس  ...كان في السادسة و العشرين ...لم يكن قد تزوج من بعد كانت حالته تثير استغراب الكثيرين...كان الشبان يتزوجون في وقتئذ في سن مبكرة...قال انه تحين ذات مرة فرصة غياب با المحضي عن سكنه فتسلل اليه ... كان الوقت يقترب من المغرب ... كان معه ثلاثة من اصحابه ظلوا بعيدا يرقبونه و هو يمضي الى تلك المغامرة ...و ما ان اخترق الباب حتى سمع صراخه ...اصيب اصحابه برعب شديد ...تريثوا قليلا ... ثم لما تكرر صراخ التريس فروا عدوا بين الاكواخ و قد ظنوه ضاع ...جائهم في الغد ...عيرهم بجبنهم اذ تخلوا عنه لم يكن بمقدورهم سوى ابتلاع لومه ...ثم استدرجه احدهم و قد هدا قليلا الى ان يحكي له الذي حدث ...صمت قليلا ... و كانه يستحضر تلك اللحظات التي يتصورها اصحابه عسيرة ...لعله كان يرتب افكاره ...لينسج لنفسه قصة بطولة ...قال انه ما ان ابتلعه باب المنزل وجد نفسه في غرفة بلبها على اليمين كان هناك بساط على الارض ... فجاة انيرت الغرفة ... توقف يسالهم ان راوا النور من الخارج ... قال احدهم و هو يعلم انه يكذب انه راه ... اذ ذاك واصل التريس روايته ...لما انيرت الغرفة رأيت على ذلك البساط كائنا غريبا ...كانت له قوائم بقرة و راس حصان ... توقف مرة اخرى ...و رسم على ملامحه ما يذكر بالفزع الذي الم به لحظتما ... ثم استأنف اردت ان اهرب ... و لكن ذلك الكائن امسك بي لست ادري كيف.... و لكنه امسك بي ... لا اذر شيئا اخر غير اني وجدت نفسي خارج المنزل ... في اللحظة التي فتحت فيها عيناي راي " بَّا المحضي" يدخل ...نظر الي دون كثير مبالاة ...ثم اختفى داخل المنزل...كانوا ينصتون اليه في صمت ...ثم القى بقوله ان ذلك المنزل مأهول بالجن تماما كما قال كثيرون من قبل ...حين اتى احمد البقال على ذكر تلك القصة  احس بالصغار ينتابهم الخوف ... كما كان ينتابه هو لما كان طفلا ... لم يعد من اثر لذلك المنزل و لكنه كما الذين جايلوه لازال يستطيع تحديد مكانه ... لم يعد الحي اكواخا كما كان ...بل كتلب اسمنت غشيت التلة ...غطتها بالكامل
في اواخر الستينيات تقدم العمر ب با المحضي ...و لم يستطع المضي الى حيث  كان يمضي ..كان حين يكون الجو مشمسا يخرج و يجلس متوكئا على جدار ذاك المنزل... كان المحسنون من الجوار و منهم مسعود الحلاق يعتنون به... كان مسعود مرة كل شهر يحمل ادواته و يحلق راسه و يشذب لحيته و كان احدهم يتولى دفع اجرة الحمام فيقتاد اليه ... و منهم من كان يأتيه بملابس و كذلك نشأت بينه و أولئك المحسنين علاقة كانت متعذرة على مدى كل السنين التي فاتت..
و ذات مساء بين ما كان مسعود الحلاق يحلق راسه بالموسة و كان الوقت صيفا التفت اليه و قال له ... اريد ان اقول لك شيئا ... لم يكد الحلاق مسعود يصدق ما كان يسمعه من ذاك الذي كان ينادونه أيضا المجدوب ... لم ينتظر  منه انتباها ... قال الشيخ ...انه صمت ما يكفي...عليه ان يتكلم اليوم ... توقف مسعود عن الحلاقة ... و في يده الموسة ...كان قد حلق ثلثي الراس ... اظن ان النهاية اقتربت ...قال " بَّا المحضي" ... السنوات الطويلة التي عشتها بين اهل هذا الحي كانت همة في حياتي ...ليس بي جنون ...انما هي الضرورة دعتني الى ان احيا كما عرفتموني ...يصغي الحلاق ل " بَّا المحضي" و قد تملكه العجب ...الشيخ الذي امامه يبدو عارفا بما يريد قوله ...وضع كفه الايسر على ام راسه ...و اقتطع بموساه جزءا مما تبقى من شعر في راس الرجل ...الذي واصل حديثه و هو مطاطا راسه ...اعرف ان الناس هنا تساءلوا ...و يتساءلون عن من اكون ...و من اين اتيت ... الان حان الوقت لأقول لك ... و لان تقول لهم...ان " بَّا المحضي" نطق اخيرا ...اسمي عياد بن جيلالي ...انا من احواز مراكش ...انتهى بي الهروب الى طنجة ...بعد ان قتلت عما لي اراد ان يستحوذ على الارض التي ورثتها عن والدي ...نعم قتلته ... وكنت اهم بدفن جثته فرآني احد سكان القرية لم يخامرني شك بانه سيشي بي ...جريت خلفه و كدت ادركه ...اصبته بجرح في كتفه...... و لكنه تمكن من الافلات...لم يكن لدي من شك انهم سيلحقون بي و سيقتلونني ... قررت الهرب...و لم اكن مستعدا له...صرت اخشى ان يفتضح امري لست ادري كم مر من اعوام...لكنني اعرف انها اعوام عديدة ...لما فرغ مسعود من حلاقة راسه...اعتدل الشيخ في جلسته وقال ... الناس يظنون ان المنزل مأهول بالجن...كلا...انهم كانوا يوهمون ذلك...بعد ثلاثة ايام...لوحظ ان " بَّا المحضي" لم يعد يخرج ليجلس بجوار باب البيت الخرب...ثم اكتشف عصرا و قد فارق الحياة...تناقل الناس حكايته...كم رواها الحلاق مسعود...و كذلك رواها احمد البقال لأبنائه...
النهاية.

ملفات بوليسية

هاربون